الجمعة، 13 مارس 2015

انتصر عالم التكنولوجيا علي الامراض المستعصية 2015

ممدد على الفراش، لا يستطيع الحراك، لا يملك القدرة على رفع كوب ماء يشربه، لا يمكنه المشي خطوة واحدة، لم تعد قواه ملكاً له، لقد فقد السيطرة…
نعم يا أعزائي، إنه المشلول..
في لحظات سكونه القاتل، وصمته المطبق، اقتحم العلم عالمه الجامد، وحوله إلى حركة وحيوية، أقام له نشاطاً جديداً يعيد له شيئاً من قدرته، ويكسبه قدراً طفيفاً من الطاقة التي فقدها، وفقد معها معنى حياته، لقد أعاد الأمل إلى قلبه بفعاليته في هذا العالم بابتكار عظيم لم يصل إلى قمة تطوره، لكنني أعتبره خطوة جبارة، وجرأة إنسانية على محاربة الواقع المؤلم، إنه ابتكار اليد الإلكترونية!
 وقد وصفتها بالابتكار لأنها بالفعل أعجوبة لا تُصدق..
images

الأيدي الإلكترونية 

يمكن أن تمنحك هذه اليد القدرة على تحريك الأشياء من حولك باستخدام التفكير فقط!
قد يبدو هذا غريباً لكن من وجهة النظر العلمية، تبدأ الحركة عند الإنسان انطلاقاً من التفكير، واتخاذ القرار بالحركة، بعدها يتم إرسال الإشارات العصبية من المراكز المحركة إلى العضو المطلوب حتى يتحرك.
هذا الأمر كله لا يخطر في بالك بالتأكيد عندما تحرك أي جزء من جسمك لأنك أصبحت معتاداً عليه، أصبح هذا العمل بالنسبة لك شبه لا إرادي، أو عمل “مبرمج” إن صح القول.
أما بالنسبة للمرضى الذين يعانون أذية في النخاع الشوكي سببت لهم شللاً جزئياً أو كاملاً، أو الذين يعانون من إصابة في الرقبة سببت أذية لبعض الأعصاب، أو غير ذلك، فإن استخدام الإشارات العصبية الناتجة عن تفكيرهم أو إرادتهم أن يتحركوا كانت الطريق إلى إبداع فريد متميز لمساعدتهم على تطوير بعض الوظائف الحركية من جديد.
ذلك لأن إصابة النخاع الشوكي ستحول بين الدماغ الذي يرسل الأوامر الحركية، وبين العضلات التي تستقبلها، أي أن طريق الإشارات العصبية الأساسي الذي يقود إلى جميع العضلات في الجسم قد تعطل..
أبرز الإنجازات العلمية الهائلة في عام ٢٠١٤ حتى الآن
فما هو الحل يا تُرى؟!
قد يكون حل المشاكل في بعض الاحيان تجاهلها أو تجاوزها، ومتابعة الحياة بطريقة أخرى، وهذا ما قام الأطباء بتطبيقه، فبدلاً من قضاء المزيد والمزيد من الوقت في أبحاث الخلايا الجذعية التي لم تستطع تقديم حل جيد لهذه الأذيات بعد، لجأ الاطباء في المركز الطبي لجامعة أوهايو في الولايات المتحدة إلى التكنولوجيا التي أصبحت طريقاً مختصراً للكثير من الحلول السريعة الفعالة.
فقاموا بزراعة رقاقة إلكترونية تحوي 96 قطباً في دماغ المريض (Ian Burkhart)، وذلك بعد أن وُضع في جهاز تصوير الرنين المغناطيسي، وتم تسجيل الفعالية الكهربائية في دماغه وخصوصاً في المناطق المحركة،  حتى يعلم الأطباء أين يمكن زرع الرقاقة، فحصلوا بعد تسجيل تلك الفعالية على ما يشبه خريطة الكنز، حيث وضعت إشارة (x) حمراء على المنطقة التي يجب زراعة الرقاقة فيها، وهي عملية جراحية خطيرة، وتحتاج إلى الدقة المتناهية.
step1
بعد ذلك توصل تلك الرقاقة إلى جهاز كمبيوتر،  ويوصل الكمبيوتر إلى مجموعة من الأقطاب الملتفة حول يد المريض، وجهاز الكمبيوتر مبرمج على تحليل الإشارات الإلكترونية التي تأتيه من دماغ المريض جراء تفكيره بالحركة، وإضافة المزيد من التعديلات عليها، وبذلك يأخذ دور النخاع الشوكي في تنسيق الحركات..
ثم يُرسل هذه المعلومات كلها إلى الأقطاب حول يد المريض، والتي تنقل بدورها الإشارات إلى الألياف العصبية الموجودة في الساعد، ومنها إلى العضلات، مما يمكن المريض من تحريك معصمه، أو أصابعه مبدأياً، ولا بد أن وضع هذه الأقطاب في أماكن أخرى من الجسم، كالعضد، أو غيره سيمكن من تحريك الساعد، والكتف، وغير ذلك من العضلات.
10 مبادرات علمية عربية يجب عليك متابعتها
step4
من ناحية أخرى..
أخذ هذا العلاج شكلاً مختلفاً عند بعض الأطباء، حيث قاموا بزراعة رقاقة كما في العلاج السابق، وتم توصيلها إلى جهاز كمبيوتر أيضاً، لكن هذا الجهاز موصول إلى يد إلكترونية “يد روبوت”.
ويتمكن المريض من تحريكها عن طريق التفكير أيضاً، حيث يخضع لتدريب على التفكير بالحركات من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، وغير ذلك، وبعدها يصبح جاهزاً لاستخدام تلك اليد بفعالية لا بأس بها.
UPMCjan

تجربة Hugh Herr مع الأرجل الآلية

قدمت هذه التقنية حلاً رائعاً لمن قُطعت أرجله لأسباب مرضية، وهو ما حدث مع HUGH HERR الذي يهوى تسلق الجبال، وقُطعت ساقاه بسبب حادث تسلق.
كان في صميمه يعتقد أن الإنسان ذو قدرة جبارة لا يمكن أن تقهره الظروف أو المشاكل التي تعترضه، ولا يمكننا ان ندعو الإنسان معاقاً إذا فقد طرفاً من أطرافه، أو أصابته علة ما، إنما التكنولوجيا التي لدينا هي المعاقة، هي العاجزة عن مساعدة هؤلاء الناس الذين لهم حق العيش بشكل طبيعي كما هو متاح لغيرهم..
وقد تمت معالجته بصناعة أرجل ذات تقنية عالية مكنته من العودة إلى رياضته في التسلق بشكل أفضل من ذي قبل، وهو ما تم تطبيقه على حوالي ألف من المرضى، وحوالي 400 منهم كانوا جنوداً في الجيش الأمريكي.
درسوا الطب ولكن.. أبدعوا في الأدب!
TED2014_DD_DSC_7296
نشر hugh فكرة أرجله الآلية على موقع TED المعروف، وفيها شرح كيف تم تثبيت هذه الأرجل إلى جسمه، حيث يتم تصنيع نسيج اصطناعي بناءً على طبيعة الجلد في المنطقة التي سيثبت إليها العضو الآلي الجديد.. وببساطة، يكون النسيج الاصطناعي خشناً إذا كانت منطقة التثبيت من الجلد الناعم، ويكون النسيج ناعماً إذا كانت تلك المنطقة من الجلد الخشن..
وهو ما يسبب ثباتاً للعضو، وراحة للمريض، كما قامت SRI international في ولاية كاليفورنيا بصناعة مادة خاصة تكون في حالتها العادية كالورق، وعند تطبيق توتر كهربائي معين عليها تصبح قاسية، وقد تم إدخال هذه المادة في النسيج الاصطناعي، وهي تتيح تسهيل الحركة بهذه الأرجل.
أما بالنسبة لحركتها، فقد تمت برمجة كمبيوتر خاص بها يقوم بالتحكم بشدة وقع الخطوة على الارض، وغير ذلك من العوامل التي تحكم المشي السليم، وقد وُصلت هذه الأرجل الآلية إلى الجهاز العصبي لـhugh، وبذلك تتحرك الأرجل حسب ما يفكر، تماماً كما ذكرت فيما يتعلق بالأيدي الآلية.
ساعد Hugh راقصة أصيبت في تفجير العبوات الناسفة الذي حدث منذ فترة قريبة في ولاية بوسطن، حيث فقدت إحدى ساقيها، وتم تصنيع ساق آلية أخرى لمساعدتها في متابعة عملها.
adrianne-3

ختاماً

في مقالات سابقة تحدثت عن العين الآلية، وعن جهاز الرؤية عن طريق السمع، وأجد أنني أستغرب فكرة التصاق الآلة الشديد بالإنسان، لكن هذه التكنولوجيا العظيمة أثبتت كفاءة غير معتادة في إعادة قدرات الحركة، والإحساس لمن فقدها، وهو ما يعتبر علاجاً ثورياً عظيماً، وافتتاحاً لعصر تصبح فيه الآلة مكملة لحواسنا..
من يدري، ربما تصبح الآلة على درجة من التطور تفوق قدراتنا العادية بكثير، وقد يأتي اليوم الذي نرتدي فيه جميعنا أرجلاً آلية بدلاً من الأحذية، فكما نرى، لا شيء يقف في وجه هذا التطور العظيم للتكنولوجيا، وتطبيقاتها لا تزال في ازدهار وازدهار..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق